حرب-إيران-وإسرائيل-أعادت-الجدل.-طرق-كشف-ومواجهة-التسرب-الإشعاعي

حرب إيران وإسرائيل أعادت الجدل.. طرق كشف ومواجهة التسرب الإشعاعي

فتح الهجوم المتبادل ما بين إيران وإسرائيل، باب الجدل والتساؤل عن مخاطر التسرب الإشعاعي.

في الآونة الأخيرة، شهد العالم أنباءً متسارعة حول رصد النشاط الإشعاعي داخل بعض المنشآت النووية، ما أعاد تسليط الضوء على أهمية أنظمة الكشف المبكر ومدى كفاءة الاستجابة التقنية قبل وصول الإشعاع إلى البيئة المحيطة.

التسرب الإشعاعي

أكدت الباحثة في الفيزياء النووية فاطمة الشيخي، خلال حديثها لـ”اليوم“، أن التسرب الإشعاعي يُعد من أخطر التحديات التي قد تواجه منشآت الطاقة النووية، نظرًا لما له من تبعات صحية وبيئية طويلة الأمد، رغم التقدم الهائل في تقنيات الأمان

الباحثة في الفيزياء النووية فاطمة الشيخي

وأشارت إلى أن التسربات، حتى وإن كانت محدودة، تُمثل تهديدًا حقيقيًا لصحة الإنسان والبيئة، ما يستدعي استجابة تقنية فورية ونظام إنذار مبكر فعال.

المؤشرات الفنية

وبيّنت الشيخي أن المؤشرات الفنية للكشف عن التسرب تشمل تغيرات غير مبررة في قراءات أجهزة الرصد داخل المفاعل مثل عدادات جايجر وكاشفات النيوترونات، وارتفاعًا مفاجئًا في درجات الحرارة أو الضغط داخل أنظمة الاحتواء.
وأوضحت أن هذه المؤشرات تختلف حسب نوع المفاعل، حيث تُعتبر التغيرات في ضغط أو حرارة نظام التبريد مؤشرًا مهمًا في مفاعلات الماء المضغوط، بينما يُراقب إشعاع بخار الماء في مفاعلات الماء المغلي، أما في المفاعلات السريعة فيُرصد تسرب الصوديوم من خلال أنظمة حساسة.

تقليل الأثر البيئي

وأضافت أن طبيعة المادة المشعة تلعب دورًا رئيسيًا في سهولة الكشف، مشيرة إلى أن نظائر مثل اليود-131 والسيزيوم-137 يمكن رصدها بسرعة بسبب نشاطها الإشعاعي العالي وطبيعتها الفيزيائية، إذ تطلق إشعاعات من نوع بيتا وجاما ويمكن كشفها بسهولة باستخدام الكواشف القياسية. كما أوضحت أن هذه النظائر تكون في حالات فيزيائية تسمح بانتقالها السريع في البيئة، ما يجعل الكشف المبكر عنها ضرورة قصوى لتقليل الأثر البيئي.
وأشارت إلى أن المنشآت النووية تعتمد على كواشف إشعاعية متقدمة تشمل عداد جايجر – مولر، وكاشف التلألؤ، وعداد النسبة النيوترونية، بالإضافة إلى أنظمة تحليل طيفي مثل مقاييس طيف جاما.
ولفتت إلى أن هذه الأجهزة تُدعّم بأنظمة مراقبة تلقائية للهواء والماء والتربة مثل محطات الرصد البيئي الآلي، مما يُمكّن من اكتشاف التسربات قبل خروجها من المنشأة، ويوفر وقتًا حرجًا للتدخل.

انتشار الإشعاع

وفيما يتعلق بالعوامل المؤثرة على انتشار الإشعاع، أكدت الشيخي أن طبيعة النظير المشع، حالته الفيزيائية، والظروف البيئية مثل الرياح والرطوبة ودرجة الحرارة تُحدد مدى سرعة انتشاره وخطورته.
وأوضحت أن نظير اليود-131 ينتقل بسهولة عبر الهواء ويتراكم في الغدة الدرقية، مسببًا مخاطر صحية كبيرة، بينما السيزيوم-137 يترسب في التربة والمياه ويبقى لفترة طويلة نتيجة عمره النصفي الذي يصل إلى 30 سنة، أما البلوتونيوم-239 فهو أقل حركة لكنه أكثر خطورة عند التلامس أو الاستنشاق.

المعالجة البيئية

وأوضحت أن بعض التسربات قد تُحتوى خلال أيام إذا كانت كمية المادة المشعة قليلة وعمرها النصفي قصير، في حين أن تسربات تشمل نظائر طويلة العمر مثل السيزيوم أو البلوتونيوم قد تتطلب سنوات من المعالجة البيئية والمراقبة المستمرة.
وشددت الشيخي على أن أول ساعة إلى أربع ساعات عقب التسرب تُعد“الوقت الذهبي”للتدخل، حيث يمكن خلال هذه الفترة احتواء الإشعاع ومنع خروجه من نطاق المنشأة. وبيّنت أن التأخير في هذا الوقت الحرج قد يؤدي إلى تصاعد مستويات الإشعاع وفقدان السيطرة على الموقف، كما حدث في بعض الكوارث النووية.

اتفاقية الأمان النووي

وفي الجانب الدولي، أشارت الشيخي إلى أن اتفاقية الأمان النووي تُلزم الدول بإبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية فور وقوع أي تسرب إشعاعي له تأثير محتمل على العاملين أو البيئة أو الدول المجاورة، وأكدت أن الشفافية والتواصل السريع تُعد من أهم عناصر إدارة الأزمات النووية. واستشهدت بكارثة تشيرنوبيل كمثال على ما قد يحدث عند غياب الإبلاغ السريع، حيث رُصد الإشعاع من قِبل دول أوروبية قبل أن تعلن السلطات السوفيتية عن الحادث.
وفي ما يتعلق بإدارة الوضع بعد التسرب، أوضحت الشيخي أن المنشآت النووية تُفعّل خطط طوارئ تتضمن مسارين رئيسيين: التعامل المجتمعي مع السكان، والإجراءات الفنية داخل المفاعل.

وقف التفاعل النووي

وفي الجانب المجتمعي، أشارت إلى أن السلطات تحدد منطقة خطر بقطر يتراوح من 5 إلى 30 كم، وتبدأ بإخلاء السكان نحو مراكز مؤقتة آمنة. كما تُوزع أقراص تحتوي على يود مستقر لحماية الغدة الدرقية من امتصاص اليود المشع، وتُجرى فحوص إشعاعية باستخدام كواشف جسدية أو ماسحات يدوية لرصد أي تلوث داخلي أو خارجي. وأكدت على أهمية مراقبة التربة والمياه لمنع دخول الإشعاع إلى السلسلة الغذائية.
أما من الناحية الفنية داخل المفاعل، فأوضحت أنه يتم تفعيل نظام الإغلاق التلقائي «Scram» لوقف التفاعل النووي، وضخ سوائل تبريد لحماية قلب المفاعل من الانصهار. كما تُغلق أنظمة التهوية وتُفعّل أنظمة احتواء متعددة تشمل استخدام ضغط سلبي داخل مبنى المفاعل ومنع تسرب الهواء إلى الخارج عبر فلاتر عالية الكفاءة. ويتم رصد مستويات الإشعاع بشكل مستمر داخل وخارج المنشأة لتقييم الوضع واتخاذ القرارات المناسبة.
فيما يخص عودة المفاعل إلى العمل بعد حادث تسرب، أكدت الشيخي أن ذلك ممكن فقط بعد إجراء تقييم شامل، يشمل تحقيقًا فنيًا لتحديد الأسباب، إزالة التلوث، اختبار أنظمة الأمان من جديد، والحصول على موافقة الجهات الرقابية المختصة.
وبيّنت أن هذه العملية قد تستغرق من عدة أشهر إلى سنوات، حسب حجم التسرب وحالة المفاعل، لافتة إلى أن بعض المفاعلات عادت للعمل بعد المعالجة، بينما بقيت أخرى مثل فوكوشيما خارج الخدمة نهائيًا.

صحيفة الرياض 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *