وقائع-وآمال:-السكري-من-النوع-الأول-عبر-التاريخ

وقائع وآمال: السكري من النوع الأول عبر التاريخ

مرض السكري، هذا التحدي الصحي العالمي، يعدّ من أكثر الأمراض المزمنة التي عرفها الإنسان على مرّ التاريخ، والتي شكّلت لغزًا طبيًا محيّرًا للأطباء والمرضى، يستوي عنده الصغير والكبير بدون تفرقة، حتى جاء اكتشاف الإنسولين في القرن العشرين ليغير مسار العلاج ويرسم ملامح جديدة للقطاع الصحي عالمياً.

ويغوص الدكتور محمد الحربي، استشاري الغدد الصماء وسكر الأطفال، أستاذ مساعد في جامعة دار العلوم، في حديثه عن بدايات العلاج بالإنسولين، الذي شكّل نقطة تحوّلٍ أعادة إحياء الأمل في قلوب الأهالي وعيون الأطفال والشباب. فقبل اكتشاف الإنسولين، كانت خيارات علاج السكري من النوع الأول شبه معدومة أو محدودة، ولم تكن كافية لمنع الوفاة، حتى بدأ الاكتشاف الحقيقي لهذه المادة في عام 1921، ليجسّد إنجازًا علميًا غيّر مجرى التاريخ بفضل جهود فريق من العلماء في كندا.

ولم يكن اكتشاف الإنسولين مجرد علاج عادي، بل كان ثورة طبية نجحت في تحويل السكري من مرض قاتل يخطف الأرواح دون استئذان، إلى حالة صحية يمكن إدارتها، مما سمح للمصابين بالعيش لعقود بدلاً من أشهر. ويسهب د. الحربي في كلامه عن مراحل هذا الاكتشاف، حيث أجريت أوّل تجربة ناجحة له على الكلاب، ثمّ باشر الأطباء بإعطائه كعلاج للأطفال، ليثبت بعد ذلك فعاليته وقدرته على إحياء أكثر الحالات خطورة.
ويتابع د. الحربي متطرقاً للجهود الدؤوبة التي يبذلها الأطباء والشركات المعنية بالقطاع الطبي، في سبيل الوصول الى علاج نهائيّ يضع حدًّا لهذا المرض ويمنح المصابين به فرصة جديدة لعيش حياة طبيعية. فيبقى اكتشاف الإنسولين، على الرغم من كونه إنجازًا عظيمًا، بداية لمسيرة طويلة من الاكتشافات الطبية، فلا يزال مرض السكري من النوع الأول حالة مزمنة تتطلب إدارة يومية مكثفة، وتفرض تحديات جمّة مثل تقلبات السكر في الدم والمضاعفات طويلة الأمد والعبء النفسي والمالي.
وتعدّ الأبحاث العلمية السبيل الوحيد للوصول إلى علاج نهائي، حيث تتركز حالياً على تطوير علاجات تحمي الجهاز المناعي وتساهم في تأخير ظهور المرض لدى الأفراد المعرضين للخطر، ما يلقي الضوء على أهمية التعاون بين كافة الحكومات والمنظمات الصحية والشركات الخاصة العاملة في القطاع الصحي لدعم قطاع الأبحاث والتطوير ودفع عجلة التقدم في هذا المجال وضمان وصول كافة الفئات الى العلاجات الفعالة عالية الجودة.
ويولي د. الحربي اهتماماً كبيراً بالعلاجات الجديدة التي تساعد على تأخير حدوث المرض أو إدارة أعراضه ومضاعفاته، حيث يشير الى أهمية التعويل عليها للوصول الى مزيد من الاكتشافات والعلاجات الفعالة للسكري من النوع الأول. إذ يمتلك القطاع الطبي اليوم إمكانات هائلة وكفاءات استثنائية تتيح آفاقاً جديدة وتفسح المجال لابتكارات طبية تغيّر المفاهيم الثابتة وترسي معايير جديدة لقطاع الرعاية الصحية عالمياً.
ويثبت العلم اليوم قدرته على تغيير المصائر والوقائع الطبية، والخروج بحلول عملية تضمن مستقبلًا خالٍ من عبء هذا المرض وغيره من الحالات المزمنة، وذلك من خلال نشر الوعي بهذا المرض وأعراضه وعلاجاته وإمكانية الكشف المبكر عنه وتعزيز الاستثمار في الأبحاث، على أمل أن يصبح مرض السكري من النوع الأول يومًا ما مجرد ذكرى في كتب التاريخ الطبي أو حالة يسهل علاجها، لكن الرحلة لم تنته بعد.

صحيفة الرياض 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *