حين يتحوّل المزاح إلى عبء نفسي على الطفل

سؤال “تحب مين أكثر؟” وأثره العميق على التوازن العاطفي للطفل

في خضم تفاعلنا اليومي مع الأطفال، قد نطرح عليهم أسئلة نراها بسيطة وعفوية، دون أن نُدرك أثرها البعيد. من أبرز هذه الأسئلة: “تحب ماما أكثر ولا بابا؟”، والذي قد يبدو للبعض دعابة محبّبة، لكنه في الحقيقة يضع الطفل أمام مأزق نفسي حرج، ويُربك استقراره العاطفي بطريقة لا تُرى بالعين، لكنها تُشعر في العمق.

الطفل بطبيعته يُحب والديه بلا مفاضلة. فالحب بالنسبة له حالة فطرية متزنة لا تحتاج إلى تفضيل أو تصنيف. لكن حين يُطلب منه أن يختار بين والديه، تبدأ داخله حالة من التردد والارتباك، وكأنه مُطالب بأن يُخالف فطرته ويُجامل أحد الطرفين على حساب الآخر.

هذا السؤال يفتح بابًا مبكرًا لصراع داخلي لا ضرورة له، ويزرع في ذهن الطفل تساؤلات من قبيل: “من سيرضى؟ ومن سيزعل؟”، مما يخلق توترًا يُربك طمأنينته ويُضعف توازنه النفسي.

بل تتجاوز الأثر اللحظي إلى بُعد تربوي طويل الأمد، فمثل هذه الأسئلة التفضيلية تزرع بذور التفرقة والانحياز في عقل الطفل، وقد تنمو معه لتؤثر في علاقاته المستقبلية، خاصة إذا ما اقترنت بممارسات تربوية تعتمد المقارنات كأسلوب دائم في التربية.

نحو تربية أكثر وعيًا

إن تربية الطفل على الحب المتوازن، وعدم دفعه إلى المفاضلة بين أحبّته، هي خطوة جوهرية في بناء شخصية سوية، مستقرة، وواثقة. كما أن حماية مشاعره من الأسئلة التي تبدو بسيطة ولكنها تهز أعماقه دون أن نشعر، هو واجب تربوي لا يقل أهمية عن إطعامه وتعليمه.

فلنكن أكثر وعيًا حين نخاطب أبناءنا، ولنجعل من كلماتنا مظلة أمان، لا شرارة صراع.

د. عبدالله الحيسوني
باحث في الأمن الفكري – مستشار أسري واجتماعي

صحيفة الرياض 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *