يوم الخليف.. مهمة “مؤنسات الحرم” واحتفالهن الخاص بالتزامن مع وقفة عرفة

مع قدوم يوم عرفة، يظهر صحن الحرم المكي دون مصلين، حيث يذهب الحجيج لأداء ركن الحج الأعظم، في عرفات، ويذهب رجال مكة لخدمة ضيوف الرحمن.

وتكاد مكة في تلك الأيام المباركة وبالتحديد يومي التروية وعرفة أن تخلو منهم، ويبقى النساء والأطفال فيها، ويبقى الحرم خاليًا، فكان للنساء في مكة المكرمة عادة منذ قديم الزمان أيام الحج، يطلق عليها (الخليف والقيس).

في يوم عرفة، كانت لنساء مكة مهمات إضافية تتمثل في القيام بأعباء ومهمات لم يكن يقوم بها إلا الرجال، وكذلك كن يقمن بمراقبة المتخلفين من رجال مكة المكرمة عن أداء الحج، أو حتى الذهاب إلى العمل، خلال موسم الحج، ، وكانوا يسمونه في هذا اليوم (بالخليف)، أي يوم تخلف الناس عن الحج.
أما كلمة (القيس) فلإخذت من عبارات كانت ترددها سيدات مكة في حال وجدن أحد الرجال المتخلفين عن الذهاب للحج وأن أي رجل يرينه في مكة يوبخنه، من خلال أهازيجهن المعروفة “يا قيس يا قيس.. قوم أذبح التيس، كل الناس حجوا وأنت ما حجيت”، فيلمنه على تخلفه إن كان صحيحا معافا، فغالبية المتخلفين عن الذهاب إلى الحج أو خدمة الحجاج في ذلك الوقت هم من كبار السن أو المرضى.

ومع بقاء الحرم خاليا في يوم عرفة، كان هناك اعتقاد قديم لأهل مكة بأنَّهُ لَا يمكنُ أنْ يُتركَ الحرمُ والطَّوافُ والكعبةُ بدونِ زوَّارٍ ومصلِّينَ وطائفِينَ، فتقوم النساء في ذلك اليوم بعمل الرجال، بالذهاب برفقة الأطفال إلى الحرم للصلاة والطواف ويطلق عليهن مؤنسات الحرم.
ويطلق اسم المؤنسات لأن نساء مكة يؤنسن الحرم في غياب زواره من الرجال والحجاج، في حين ينشغل الأطفال بالسباق في الطواف للسلام على الحجر الأسود، ولتقبيل جدران الكعبة العارية أثناء تبديل الكسوة فجر يوم عرفة، وتستمر مراسم التبديل لقرب صلاة العصر، في مشهد يرقبه أهالي مكة كل عام.

وفي عصر يوم عرفة الذي يعتبر بمثابة عيد للنساء في مكة، يمتلئ صحن الكعبة بالسواد، لون عباءات النساء، اللاتي يجدن في ذلك اليوم فرصة الطواف والصلاة والسلام على الحجر الأسود بهدوء وارتياح بعيدا عن الزحام، ووجود الرجال، ويتحلقن حول الكعبة استعداداً لأذان المغرب، فمعظمهن قد صمن “يوم عرفة”، فيفطرن في الحرم مما صنعته أيديهن من المعمول والغريبة وغيرهما. ويستمر وجودهن في الحرم حتى قرب منتصف ليلة العاشر من ذي الحجة، ليلة العيد.