“أحلام مكسورة في درب الفشل”.. مقال جديد لـ محمد بن منيع أبو زيد
تُعتبر فترة المراهقة واحدة من أكثر المراحل تعقيدًا في حياة الفرد، حيث يتداخل فيها الشغف والمشاعر القوية مع عدم النضج والخبرة. ولكن، لا أعلم من أين أتى مسمى “مراهقين”، فلم أسمع به إلا في الحياة المدنية الحديثة. إنني أرى أنه ينبغي علينا إعادة النظر في هذا المصطلح، فالكثير من الشباب في مقتبل العمر لديهم أرواح صافية ونقية، يبحثون عن المسار الصحيح والواضح، بالطرق الرسمية والشرعية وفقًا للعادات والتقاليد المتعارف عليها.
فشل حب المراهقة
تُعزى حالات فشل الحب في هذه المرحلة إلى عدة عوامل، منها نقص الخبرة. فالشباب في مرحلة الاكتشاف الذاتي قد يكونون عرضة لاتخاذ قرارات عاطفية غير ناضجة. الحب في هذه الفترة غالبًا ما يكون مدفوعًا بعواطف قوية، لكنه يفتقر إلى الحكمة التي تأتي مع النضج.
أيضًا، يلعب ضغط الأقران دورًا كبيرًا في توجيه سلوك الشباب. قد يتأثرون برأي أصدقائهم أو المجتمع، مما يؤدي إلى اختيارات غير مدروسة. وعندما يتعرضون لضغوط اجتماعية، قد يتجاهلون مشاعرهم الحقيقية أو يتخذون قرارات بناءً على ما يعتقدون أنه مقبول اجتماعيًا.
العوامل المؤثرة في اتخاذ القرارات
تتأثر قرارات الشباب بعدة عوامل، مما يزيد من تعقيد العلاقات العاطفية. من الناحية البيولوجية، تؤثر التغيرات الهرمونية والنمو الجسدي على المزاج والسلوك. كما أن العوامل النفسية تلعب دورًا رئيسيًا في كيفية معالجة المعلومات واتخاذ القرارات. مستوى النضج العاطفي والقدرة على التفكير النقدي يؤثران بشكل كبير على كيفية تقييم الشباب للمواقف.
الضغط الاجتماعي يمكن أن يؤثر أيضًا في توجيه سلوك الشباب. فوجود شبكة دعم قوية يمكن أن يساعدهم في اتخاذ قرارات أفضل. لكن، في بعض الأحيان، قد يؤدي الضغط من الأقران إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة تؤدي إلى مشاعر الندم.
تجارب الزواج المبكر
هناك العديد من حالات الارتباط المبكر التي تؤكد أن الشباب، على الرغم من عدم انتهاء دراستهم أو وجود وظائف مناسبة، يمكن أن يرتبطوا ويتزوجوا، ويعيشوا في أحسن حال. هذه التجارب تُظهر أن العمر ليس مقياسًا لنجاح العلاقات. فالكثير من كبار السن وأصحاب المراكز المرموقة مروا بتجارب عاطفية وزوجية باءت بالفشل، مما يدل على أن التوفيق في العلاقات أولاً وأخيرًا بيد الله عز وجل.
الجدل حول تفكير الجنسين في الحب
من وجهة نظر خاصة بي، يمكن القول إن الرجل في بدايات العمر يميل إلى التفكير بقلبه أكثر من الأنثى. إلا أن الفتاة غالبًا ما تظهر حكمة أكبر وتفكر بعقلها. حسب علم الاجتماع، يُدجن بعض الأهالي بناتهم للأسف الشديد على اختيار الثري والغني الذي يحقق لهن أحلامهن ويشبع طلباتهن. لماذا يُغذى هذا الفكر العجيب والغريب؟ لماذا لا تُغذى الفتيات بالفكر الصحيح والمسار الصحيح، بحيث يُشجعن على اختيار الرجل الذي يحافظ على دينه ويدل على حسن النية من خلال تقدمه لخطبتها؟
للأسف، نجد أن الأغلبية يزرعون في عقول الفتيات أن يختاروا الثري والغني الذي سيصنع لهن المستحيل. ومن سخرية القدر، بعد مرور الزمان ونهاية العمر، يتبدل الحال. يصبح الرجل أكثر حكمة ويبدأ بالتفكير بعقله، بينما تتحول الفتاة لتفكر بقلبها، وخاصة بعد انفصالها عن “الثري الغني” أو فقدان شريك حياتها. قد تجد نفسها تبحث في دفاتر ذكرياتها القديمة، تسترجع اللحظات الجميلة والأحلام التي كانت تحلمها في الماضي، مما يعكس كيف أن طبيعة البشر تتغير مع مرور الزمن.
نصيحة للأهالي
أود أن أوجه نصيحة للأهالي: لا تنظروا إلى أبنائكم وبناتكم باعتبارهم مراهقين فحسب. يجب أن يُزوّج الأبناء والبنات في سن مبكر ومقتبل العمر، قبل أن تُلوث الحياة أفكارهم ومبادئهم. يجب أن يتذكر الأهالي دائمًا أن هؤلاء الصغار قليلو الخبرة ويحتاجون إلى الوقوف معهم وتشجيعهم في اختيار شريك العمر، خصوصًا إذا كان ذلك بشكل رسمي وشرعي. فلا توجهوا لهم تهمة عدم معرفة مصلحتهم، بل ساعدوهم في اتخاذ القرارات السليمة.
الذكريات وتأثيرها
تظل الذكريات تطارد الشباب، تتسلل إلى عقولهم في لحظات الهدوء، مما يزيد من وطأة الفقد. تصبح الأشياء التي كانت تعني لهم الكثير مجرد بقايا من الماضي، تذكرهم بما فقدوه. كل زاوية في المكان تروي قصة، وكل أغنية تذكرهم باللحظات التي عاشوها معًا، مما يجعل الألم أكثر حدة.
ورغم كل هذه التحديات، يجب أن نتذكر أن الفشل في العلاقات لا يعني نهاية الحب. بل يمكن أن يكون بداية جديدة، على الرغم من أن الانطلاقة قد تكون مؤلمة. كيف يمكن للشباب أن يثقوا مرة أخرى؟ كيف يمكنهم أن يفتحوا قلوبهم لمن قد لا يقدرون ذلك؟
دروس من الحب والفشل
في ختام هذه الرحلة العاطفية المؤلمة، تبقى العلاقات التي لم تُكتب لها النجاح بمثابة دروس مؤلمة تبني شخصية أقوى من الألم وتجعلنا نتطلع إلى المستقبل بتفاؤل محجوب. لكن خلف كل ابتسامة، تبقى جراح الماضي محفورة في الذاكرة، تذكرنا بأن الحب ليس دائمًا كما نتصور، وأن الفشل ليس مجرد نهاية، بل هو بداية رحلة شاقة نحو التعافي.
علينا أن نتذكر أن الحب، رغم آلامه، هو أيضًا تجربة إنسانية غنية، تساهم في تشكيلنا كأشخاص. لذا، لنقبل الألم كجزء من الحياة، ولنستعد للانطلاق مجددًا نحو آفاق جديدة، رغم كل الجراح، لأن الحياة تستمر، وأمامنا دائمًا فرص جديدة للحب والسعادة.
قد يكون من الصعب رؤية النور في نهاية النفق، لكننا نعلم أن كل تجربة، مهما كانت مؤلمة، تضيف إلى عمق تجاربنا الإنسانية، وتساعدنا على النمو والتطور. لذا، فلنحافظ على الأمل، حتى في أحلك اللحظات، ولنستعد لاحتضان الحياة بكل ما تقدمه لنا.
صحيفة الرياض 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة