“أصبحنا-نحسد-الأموات”:-ظروف-معيشية-لا-تطاق-في-غزة،-وتكلفتها-من-بين-الأغلى-عالميا

“أصبحنا نحسد الأموات”: ظروف معيشية لا تطاق في غزة، وتكلفتها من بين الأغلى عالميا

“أصبحنا نحسد الأموات”: ظروف معيشية لا تطاق في غزة، وتكلفتها من بين الأغلى عالميا

المساعدات الإنسانية

أسواق غزة تكتظ بالناس، لكنها تفتقر إلى أهم عاملين أساسيين: السيولة والبضائع. فالقيود الإسرائيلية الخانقة، التي منعت دخول أي شيء للقطاع لمدة 80 يوما، جعلت ما سُمح بدخوله عبر معبر كرم أبو سالم في الأسابيع الماضية مجرد نقطة في بحر الاحتياجات.

أمام معظم الفلسطينيين في غزة خيارات ثلاثة، أحلاها مر: إما السعي للحصول على حصة غذائية من آلية المساعدات العسكرية التي مات فيها العشرات خلال الأيام الماضية، أو أن يروا أطفالهم يتضورون جوعا، أو أن يدفعوا الغالي والنفيس لشراء ما تبقى من البضائع وما نهب من المساعدات الإنسانية في الأسواق.

لا يمكن لأحد وصف هذا الوضع بشكل أفضل من الشخص الذي يعيشه. يقول أكرم يوسف – وهو موظف مدني – لمراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة: “الأسعار غير طبيعية وهي أعلى بكثير من أوروبا. الوضع صعب للغاية، ونحن على هذا الحال منذ عامين. فإلى جانب النزوح والتشرد والقصف والدمار والخراب، يرفع التجار الأسعار، والمواطنون غير قادرين على تحمل هذا العبء. ماذا عسانا أن نفعل؟”

أكثر من 20 شهرا من الصراع جعلت الظروف المعيشية في قطاع غزة لا تطاق، وأصبحت تكلفة هذه المعيشة الآن من بين الأعلى في العالم.

في أسواق مدينة غزة، التقى مراسلنا بأحمد البحري الذي نزح من بيت لاهيا مع عائلته. وقد روى لنا قصته بالقول: “حسبنا لله ونعم الوكيل فيمن تسبب بهذه الأسعار وفيمن يستغلنا حاليا. يبيعون رغيف الخبز بـ 7 شواكل. لا يوجد دقيق، ولا حليب، ولا حفاضات للأطفال، ولا أي شيء نأكله. نعيش في حالة جوع دائم. من أين أحصل على 7 شواكل كي أشتري بها رغيف خبز لطفلي؟ ما ذنب هذا الطفل كيلا يجد ما يأكله؟”

أحد باعة الطحين في غزة.

أحد باعة الطحين في غزة.

رسوم لا تطاق

أدى توقف البنوك الفلسطينية عن العمل منذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى تفاقم المعاناة الإنسانية في غزة. فالسكان يضطرون إلى استخدام التطبيقات الإلكترونية لسحب أموالهم من حساباتهم المصرفية ولصرف معاشاتهم عن طريق التجار المحليين، الذين يفرضون عمولات باهظة تزيد من أعبائهم المالية.

أخبرنا السيد يوسف أن عمولة سحب راتبه كانت 20%، لكنها ارتفعت مع مرور الوقت إلى ما يقرب من 50%. وقال: “كل هذا يقع على عاتق الموظف المدني. ما بالك بالعامل الذي لا يعمل ولا يجد حتى طعاما – ماذا سيكون وضعه؟”

“أصبحنا نحسد الأموات”

قال عدد من السكان لمراسل أخبار الأمم المتحدة إن سعر الكيلوغرام الواحد من الدقيق في غزة يبلغ اليوم مائة شيكل، أي ما يعادل نحو 29 دولارا أمريكيا.

ويشرح لنا المواطن أشرف الديري هذا الواقع المرير بالقول: “إذا كان الراتب ألفي شيكل، فإنه يصبح ألف شيكل بعد العمولة. لو اشترى المرء كيلو طحين وقنينة زيت وحبة طماطم، لن يجد في اليوم التالي ما يكفيه ليأكل. فالمصروف اليومي للعائلة المتوسطة أو الصغيرة لا يقل عن 500 شيكل (ما يعادل 143 دولارا). لذا، نحن نعيش معاناة كبيرة ونحتاج لمن يرحمنا ويقف إلى جانبنا”.

أما الشاب رائد طافش فقد عبّر لمراسلنا عن صدمته من الغلاء الفاحش، خاصة وأن معظم أقرانه عاطلون عن العمل ولا يجدون مصدراً للدخل. وأضاف بأسى: “لا يدخل علينا شيكل واحد. نحن لسنا موظفين ولا نملك عملاً. نموت ببطء. أصبحنا نحسد الأموات”.

شارع عمر المختار وسط مدينة غزة، حيث ينتشر الباعة الجوالين.

معاناة الآباء والأمهات

بجانب هذه الشهادات المؤلمة، تتجسد المأساة في عيون الأمهات والآباء الذين يرون أطفالهم يتضورون جوعا. نمير غزال، وهي إحدى الأمهات، تشاركنا معاناتها، مؤكدة أن راتبها لا يفي حتى بشراء الفاكهة أو الخضراوات أو أي غذاء صحي لأطفالها. تقول: “أحياناً أبكي عندما يطلب أطفالي الجياع كسرة خبز. كيلو الطحين بمائة شيكل، والعدس بخمسين. كيلو واحد لا يكفي عائلتي، لكنني أشتريه وأُقسّمه عليهم”.

خميس أبو سل رب أسرة مكونة من 11 فردا. اشترى ثلاثة كيلوغرامات من الباذنجان، وثلاثة كيلوغرامات من الملوخية، وثلاثة كيلوغرامات من الطماطم، وكيلوغراما واحدا من الخيار، تكفي لوجبة واحدة. قال: “سعر هذه الكمية 530 شيكلا- أي ما يعادل 152 دولارا. 530 شيكلا لوجبة واحدة! من يرضى بهذا؟ من لا يملك القدرة، من أين له أن يحصل عليها؟ من أين سيحصل على طعامه؟”

في المقابل، يُقدم أيمن صالح إجابةً مؤلمة. فبعد ثلاثة أيام من التوفير، جمع 40 شيكلا ليشتري نصف كيلوغرام أرز فقط، لإطعام عائلته المكونة من سبعة أفراد. وقال: “أمر لا يطاق. اليوم نأكل وجبة واحدة بدل ثلاث وجبات. ما السبب؟”

سعي أممي لتوفير الغذاء

استطاعت الأمم المتحدة جمع بعض الإمدادات يوم أمس الاثنين، معظمها من الدقيق، من معبر كرم أبو سالم. كانت المساعدات متجهة إلى مدينة غزة، عندما أخذها الجوعى واليائسون – الذين عانوا شهورا من الحرمان –  مباشرة من الشاحنات. كما حصل في معظم الحالات منذ أن سمحت السلطات الإسرائيلية بدخول كميات محدودة من المساعدات إلى غزة في 19 أيار/مايو.

كما وقعت في السابق بعض حالات النهب والاعتداءات على سائقي الشاحنات، وهو أمر ترفضه الأمم المتحدة تماما. وفي هذا السياق، أكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، تتحمل مسؤولية الحفاظ على النظام العام والسلامة في غزة. وقال إن ذلك ينبغي أن يشمل السماح بدخول المزيد من الإمدادات الأساسية عبر معابر وطرق متعددة، لتلبية الاحتياجات الإنسانية والمساعدة في الحد من أعمال النهب.

صحيفة الرياض 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *