“لا أريد أن يكبر أطفالي وهم بعيدون عن والدهم”، كيف تحتفل أسرة في غزة بالعيد
“لا أريد أن يكبر أطفالي وهم بعيدون عن والدهم”، كيف تحتفل أسرة في غزة بالعيد
تقرير: مراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة
أعده: خالد هريدي – مقر الأمم المتحدة
لا يعرف الطفل الفلسطيني محمد الذي يبلغ من العمر عاما واحدا، والده إبراهيم الفراني إلا عبر شاشات الهاتف المحمول، فقد غادرت أمه قطاع غزة وهو جنين يشارف على القدوم إلى الدنيا، ولم تتمكن من العودة منذ ذلك الحين.
مع حلول عيد الأضحى المبارك يتوق إبراهيم إلى رؤية عائلته المكونة من محمد وزوجته وابنه الأكبر رشاد الذي غادر مع أمه قبل أكثر من عام ليرافقا والدة إبراهيم المريضة بالسرطان لتلقي العلاج خارج غزة.
ولكي يرى وجه طفليه وزوجته يحمل هاتفه إلى مقهى مقام من الخيام في وسط مدينة غزة حيث يمكنه استخدام الإنترنت – عندما يتيسر – للاتصال بعائلته الصغيرة.
تلوح ملامح الحزن والتعب بين جنبات وجه إبراهيم، لكن تتهلل أساريره بمجرد رؤية وجوه زوجته سماح حماد وابنيه محمد ورشاد على هاتفه بعد نجاح الاتصال بالإنترنت.
كان إبراهيم يتوقع أن تغيب عنه زوجته وابناه وأمه فترة وجيزة لكن الأمر طال، متذكرا في حديثه مع مراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة كيف بدأ الأمر عندما نزح من مدينة غزة أول مرة: “في بداية الحرب نزحتُ إلى مدينة رفح، وبقيت هناك حتى شهر أيار/مايو 2024، إلى حين إخلاء رفح. وخلال فترة وجودي فيها، تم تحويل والدتي المريضة بالسرطان للعلاج في مصر، فرافقتها زوجتي، وكان ابننا البكر رشاد برفقتهما. زوجتي كانت حاملا في بداية الشهر الثامن، واتفقنا أن تسافر لتضع مولودنا الثاني في مصر، بسبب الانهيار في المنظومة الصحية بقطاع غزة”.
وكان الاتفاق أن تلد زوجته هناك “على أساس أن الحرب ستنتهي خلال شهر أو شهرين، وستُفتح المعابر ليعودوا إلى غزة. لكن للأسف لم يحدث ذلك. ووضعت زوجتي طفلنا الثاني في 30 أيار/مايو 2024، أسميناه محمد”.
وقال إبراهيم: “الآن محمد بلغ عامه الأول، ولا تزال الحرب قائمة والمعابر مغلقة، ونحن مشتتون. أنا موجود في غزة وهم في مصر. لا أستطيع الذهاب إليهم، ولا يستطيعون الوصول إلي. هذا هو حالي وحال الكثير من المواطنين في قطاع غزة”.
سماح وأطفالها يحتفلون بعيد ميلاد ابنها محمد الأول، ويشاركهم الاحتفال زوجها إبراهيم عبر الهاتف.
رحلة محفوفة بالمخاطر
أمل إبراهيم لم ينقطع في لقاء عائلته واحتضان ابنه لأول مرة منذ ولادته. ولكن إلى أن يتحقق هذا، أصبح هذا المقهى بما يقدمه من إنترنت غير متوافرة فيما تبقى من منازل أو خيام النزوح، نافذته الوحيدة على عائلته، كما قال لمراسلنا.
لكن خروجه بحثا عن مكان يستطيع فيه الاتصال بعائلته ليس هينا، بل محفوفا بالمخاطر، حيث قال: “هذا الموضوع خطير للغاية، بسبب القصف الإسرائيلي الذي قد يحدث في أي مكان وفي أي وقت. عندما يخرج الشخص من بيته وكأنه يضع روحه على كفه، لكن بالمقابل لا بد أن يطمئن المرء على زوجته وأولاده في ظل هذه الظروف الصعبة، وهم كذلك يريدون الاطمئنان علينا”.
وأوضح أن عائلته في قلق دائم على سلامته، مضيفا: “عندما يسمعون عن قصف في المنطقة التي أعيش فيها حاليا، ينتابهم الخوف، ويتواصلون معي قائلين: سمعنا بالأخبار عن قصف، هل أنت بخير؟ هل أنت على قيد الحياة؟ هكذا نقضي حياتنا هنا”.
“لا أستوعب كيف أصبحنا هكذا”
لكن الأمر يستحق العناء بالنسبة لإبراهيم، الذي احتفل بعيد ميلاد ابنه عبر مكالمة فيديو.
وعلى الجانب الآخر من الهاتف، جلست سماح وطفلاها أمام كعكة عليها شمعة واحدة ليكون أول احتفال عائلي للأسرة، بينما يستمع محمد إلى كلمات التهنئة من والده عبر الهاتف الذي وضعته سماح على المنضدة بجوار كعكة عيد ميلاد ابنها.
سماح التي غادرت القطاع في 10 نيسان/أبريل 2024 قالت: “حتى الآن لا أستوعب كيف أصبحنا نحن في مكان وزوجي في مكان آخر”.
وأضافت: “ننتظر انتهاء الحرب ليفتح المعبر ونعود إلى غزة، إلى أهلنا وأحبابنا. للأسف، محمد أصبح عمره عاما، وما زال المعبر مغلقا والحرب لم تنته”.
وأعربت عن أملها في أن تنتهي الحرب قريبا وأن يتمكنوا من العودة إلى قطاع غزة، قائلة: “لا أريد أن يكبر أطفالي وهم بعيدون عن والدهم”.
صحيفة الرياض 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة