كم ستكلف الحرب بين إيران وإسرائيل اقتصاد كل طرف؟

حذر محللون سياسيون واقتصاديون في حديثهم لـ «اليوم»، من أن حرب إيران وإسرائيل ستكون مكلفة على جميع الأصعدة.

وأشاروا إلى أن آثار هذا الصراع لن تقتصر على الأطراف المنخرطة بشكل مباشر، وإنما ستمتد إلى الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل التهديدات الخطيرة للممرات البحرية والتجارية الحيوية، مما قد يخلف أزمات اقتصادية واجتماعية وإنسانية في المنطقة المضطربة من الأصل.

تهديدات على كافة الأصعدة

يقول أستاذ الإعلام السياسي، الدكتور عادل المكينزي، إن “الكلفة الباهظة للحرب بين إسرائيل وإيران تشمل جوانبًا عسكرية واقتصادية واجتماعية، تتمثل بشكل مباشر في العمليات الهجومية والدفاعية، وبشكل غير مباشر عبر الإضرار بالأنشطة الاقتصادية، وتعطيل مجالات الحياة المختلفة.”

وحذر المكينزي من أن “الآثار الاجتماعية للحرب لا تقل خطورة عن الإقتصادية، فتصاعد معدلات القلق والاكتئاب، وعمليات التهجير والنزوح، تمثل ضغوطًا نفسية ومجتمعية هائلة.”
وأوضح أن إسرائيل، التي يرتبط اقتصادها ارتباطاً وثيقاً بالمنظومة الاقتصادية العالمية القائمة على الرفاهية والاستقرار، ستتكبد كلفة مضاعفة نتيجة لهذا الارتباط، في حين أن إيران- وإن كانت أقل ارتباطًا بالعالم الخارجي بسبب العقوبات- فهي تعاني داخليًا من هشاشة اقتصادية واضحة.

التكاليف الاقتصادية لطرفي الصراع

وأضاف المكينزي: “بعض الدوائر الإسرائيلية تقدّر تكلفة اليومين الأولين من المواجهات العسكرية بما يصل إلى 1.54 مليار دولار، هذا إذا استثنينا الخسائر في الممتلكات المدنية والتداعيات الاقتصادية اللاحقة.”
ووضعت وزارة المالية الإسرائيلية، بحسب المكينزي، سقفًا للعجز بنسبة 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 29.5 مليار دولار للعام المالي الجاري.
وبالنسبة لإيران، يقول المكينزي “إنها تعاني من تضخم يقضم إيراداتها، رغم ارتفاع عوائد صادرات الطاقة بنسبة نمو بلغت 6% عام 2023، إلا أن العقوبات الأمريكية، خصوصًا بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي، ألحقت أضرارًا جسيمة بالاقتصاد الإيراني، مثل تجميد أصول بمليارات الدولارات، وفرض عقوبات على صادرات النفط، والحرمان من الاستثمارات الأجنبية.”

اقتصاد إيراني متداعٍ

ومما يذكر أن إيران تعاني تضخمًا هائلاً يبلغ 45%، وتدهورًا في العملة متدهورة، واقتصاد معزول، في حين تحصّل الدولة أكثر من 50% من إيراداتها عبر النفط والغاز، وهما قطاعان يعانيان من قيود صارمة.”
ويرى المكينزي أن استمرار الحرب سيثقل إيران بمزيد من الضغوط الاقتصادية، ما قد يزيد من مستويات التذمر والتمرد في الداخل الإيراني، ويدفع بالوضع الاجتماعي والسياسي المضطرب من الأصل نحو مزيد من الهشاشة.

حرب استنزاف

من جانبه، يعتقد المحلل الاقتصادي، خلفان الطوقي، أن أي حرب في المنطقة، سواء بين إسرائيل وإيران، أو بمشاركة أطراف أخرى، ستكون مكلفة للغاية، وستتجاوز آثارها الناحية المالية إلى مختلف المستويات الأخرى.

وقال إن الصراع سيكون “حرب استنزاف بامتياز”، مع تكلفة مالية مرتفعة جدًا على الجانبين، الإيراني والإسرائيلي، محذرًا من اتساع رقعة الصراع إلى قد يسبب موجة صدمة في الشرق الأوسط بأكمله.

مخاوف تجارية عالمية

وفضلاً عن الآثار النفسية والاجتماعية المصاحبة للحروب، أعرب الطوقي عن قلقه من ثقل الخسائر اللوجستية حال اضطراب الحركة التجارية في الممرات المائية حيوية مثل مضيق هرمز، الذي تمر عبره أكثر من 12% من التجارة العالمية.
وقال: “نحن نتحدث عن أكثر من 25% من التجارة البحرية العالمية التي قد تتعرض للخلل إذا طالها أي هجوم أو تعطيل.”
وأضاف أن تبعات الحرب قد تطال حركة الطيران وسلاسل التوريد، بما يؤدي إلى تغيير أولويات الدول من خطط التنمية إلى إجراءات تجنبها ويلات الحرب. كما حذر من احتمالات النزوج من بؤر الصراع إلى الدول المجاورة، والتي ستخلق بدورها مزيدًا من الارتباك في المنطقة التي تعاني مشكلات مزمنة في هذا الصدد.