صندوق النقد: الاقتصاد العالمي يظهر مرونة في مواجهة التحديات والتوترات

في تقريره السنوي الصادر يوم الثلاثاء، أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي ما زال يُظهر مرونة لافتة في مواجهة التحديات والتوترات التجارية الناجمة عن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متوقعًا استمرار النمو العالمي عند 3.2% في عام 2025 و3.1% في عام 2026، وهي نسب تعكس قدرة الاقتصادات الكبرى على التكيّف رغم الضبابية السياسية والاقتصادية.

ويرى صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي يدخل عامي 2025 و2026 بوتيرة نمو مستقرة ولكن محدودة، في ظل تصاعد السياسات الحمائية ومخاطر التباطؤ في أوروبا والصين، مقابل استمرار الزخم في الاقتصاد الأميركي المدعوم بالذكاء الاصطناعي.

ويؤكد التقرير أن استقرار النظام التجاري العالمي سيبقى العامل الحاسم في الحفاظ على هذا النمو الهش، محذرًا من أن أي تصعيد تجاري جديد قد يعيد العالم إلى مسار أكثر اضطرابًا.

تثبيت الرسوم الجمركية الأمريكية

أشار الصندوق إلى أن تثبيت الرسوم الجمركية الأمريكية بعد زيادتها العام الماضي أسهم في توفير رؤية أكثر وضوحًا للأسواق، رغم أن حالة عدم اليقين ما زالت تلقي بظلالها على التوقعات.
وأوضح كبير الاقتصاديين في الصندوق بيار أوليفييه جورينشاس أن التأثير الكامل لهذه الرسوم يحتاج وقتًا للظهور، مضيفًا أن “الصدمة التجارية كانت أدنى من المتوقع” بفضل الاتفاقيات والإعفاءات الثنائية التي جنبت بعض الشركاء الاقتصاديين المواجهة المباشرة مع واشنطن.
كما لفت إلى أن إعادة توجيه تدفقات التجارة تُعد من أبرز نتائج هذه السياسة، إذ ازدادت المبادلات بين الصين ودول آسيا وأوروبا على حساب تعاملاتها مع الولايات المتحدة.

نمو مدعوم بالذكاء الاصطناعي

تتوقع المؤسسة الدولية أن يُنهي الاقتصاد الأمريكي عام 2025 بنسبة نمو تتجاوز 2%، مع أداء مماثل في 2026 (2.1%).
ويرى الصندوق أن الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي تسهم في دعم النشاط الاقتصادي الأمريكي، لكنها في الوقت نفسه تحمل مخاطر تضخمية قد تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية مجددًا.
كما حذر الصندوق من احتمال حدوث تصحيح حاد في الأسواق المالية في حال لم تتحقق الإيرادات المتوقعة من استثمارات الذكاء الاصطناعي، ما قد ينعكس سلبًا على الاستهلاك والاستثمار.

تباين داخل منطقة اليورو

رغم الأداء الأفضل من التوقعات السابقة، فإن منطقة اليورو ستشهد تباطؤًا في 2026، إذ يُتوقع أن يبلغ نموها 1.1% فقط.
وجاء التحليل التفصيلي كما يلي:
– ألمانيا وفرنسا: نمو متواضع عند 0.9%.
– إيطاليا: 0.8%.
– إسبانيا: الاستثناء الأبرز بنمو يبلغ 2.9% في 2025، لكنه سيتراجع إلى 2% في 2026.

فقاعة العقارات تضعف النمو في الصين

توقّع الصندوق أن يظل نمو الصين دون 5% خلال العامين المقبلين (4.8% في 2025 و4.2% في 2026)، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الصيني ما زال يعاني تداعيات فقاعة القطاع العقاري ومن نموذج نمو يعتمد على التصدير بشكل غير مستدام.
وأكد جورينشاس أن الصين “لا تزال على شفا الانكماش” في ظل ضعف الطلب الداخلي وغياب محفزات قوية للنمو.

أداء المكسيك أفضل من المتوقع

رغم التوقعات السابقة بدخولها في ركود، أظهر اقتصاد المكسيك قدرة على الصمود أمام تأثير الرسوم الأمريكية، مع توقع نمو 1% هذا العام و1.5% في 2026، في إشارة إلى تحسن الأداء مقارنة بالتقديرات السابقة.